فوتونان يتحدان لجعل الخفيّ مرئياً

0 Comments

قد يكون للبشر قدرة على الرؤية في مجال الأشعة تحت الحمراء، وقد يكون ذلك ناجماً عن اجتماع طاقتي فوتونين ليبدوا كفوتون واحد في المجال المرئي. رغم أننا لا نملك رؤية خارقة بأشعة أكس كما عند سوبرمان، لكن لدينا ماقد يبدو كقدرة خارقة: يمكننا رؤية الأشعة تحت الحمراء!! وذلك خارج نطاق ما يعتبر تقليدياً (مجال الطيف المرئي).

أظهرت سلسلة من التجارب أن هذه الظاهرة الغريبة والتي نعرف عنها القليل تحدث عندما يصدم زوج من فوتونات الأشعة تحت الحمراء نفس البروتين الصبغي في العين، مما ينتج عنه طاقة كافية لإحداث التغيرات الكيميائية فيه التي تسمح لنا بالرؤية.
إن الحكمة المتناقلة وكيمياء الرؤية التي نعرفها، تخبراننا أن العين البشرية يمكن أن ترى الأطوال الموجية بين 400 (أزرق) و 720 (أحمر) نانومتر. وعلى الرغم من أن هذا المجال لايزال يعرف رسمياً بالطيف المرئي، إلا أنه ومع اكتشاف الليزر بأطوال معينة من الأشعة تحت الحمراء، صدرت تقارير بينت أن البشر كانوا قادرين على رؤية ضوء الليزر بأطوال موجية أكبر من 1000 نانومتر بألوان بيضاء وخضراء وألوان أخرى.

كرزيجتوف بلاجيفسكي، وهو مختص في العقاقير من جامعة في كليفلاند في أوهايو، يقول بأنه رأى ضوءاً بطول موجي 1050 نانومتراً من ليزر منخفض الطاقة.

"تستطيع أن تراه بالعين المجرده"

ولمعرفة فيما إذا كانت هذه الظاهرة عادية أو نادرة، مسح بلاجيفسكي شبكيات 30 متطوعاّ ذوي صحة جيدة بحزمة ضوئية منخفضة الطاقة، مغيراً أطوالها الموجية. مع زيادة الطول الموجي إلى مجال الأشعة تحت الحمراء، وجد المشاركون في البداية صعوبة في رؤية الضوء، ولكن عند حوالي 1000 نانومتر أصبح من الأسهل رؤية الضوء، واحتار العلماء في تفسير تلك الظاهرة.

هل تخدعك عيناك؟!

أراد بلاجيفسكي اختبار فرضيتين أساسيتين تفسران رؤية الأشعة تحت الحمراء.

  • تنقترح الأولى أنه عندما يصدم الضوء ذو الاطوال الموجية الأعلى النسيج الكولاجيني الضام في العين، تتحول كمية صغيرة من طاقته إلى فوتونات ذات طول موجي مساو لنصف الطول الموجي للضوء الأساسي في ظاهرة تدعى توليد الطيف الثاني، تكشف الشبكية هذا الضوء المرئي وتخدع الدماغ بجعله يظن أنه قادم مباشرة من المصدر الرئيسي.
  • الفرضية الأخرى تقول بأن رؤية الأشعة تحت الحمراء هو نتيجة لظاهرة تعرف بإعادة تشكل الفوتونين.

تمتص الجزيئات المستقبلة الفوتونية في العين الطاقة من الفوتونات المفردة في مجال الأطوال الموجية المرئية العادي. يحثّ هذا الجزيئات على تغيير شكلها محرضاً مجموعة من الأحداث التي تمكننا من الرؤية. ولكن عندما يصدم فوتونان يحمل كل منهما نصف الطاقة معاً العين، يمكن أن تجتمع طاقتيهما وربما تحرض نفس العملية الكيميائية التي تنشأ من اصطدام فوتون واحد في المجال المرئي.

لاختبار الفرضية الأولى، أزال بلاجيفسكي الكولاجين من شبكيات فئران اختبار وقاس استجابتها لأضواء ذات أطوال موجية مختلفة. أشارت استجابة شبكيات الفئران لليزر ذو طول موجي 1000 نانومتر (تماماً كالاستجابة في العين
البشرية) إلى أن ظاهرة توليد الطيف الثاني في العين ليست التفسير لرؤية الضوء في المجال تحت الأحمر.

ظهرت أدلة ضد تفسير توليد الطيف الثاني، عندما أخذ الباحثون بلورات من الصباغ البروتيني لمستقبلات الفوتونات وعُرضت لضوء في مجال تحت الأحمر. تحول لون هذه البلورات من الأحمر إلى الأصفر عندما عرضت إلى ضوء بطول 1000 نانومتر. ولو كان توليد الطيف الثاني هو ما سبب تغير اللون، لحمل إلينا الطيف الصادر من البلورات إشارة تبين ذلك، لكن ذلك لم يحدث.

وعلى الرغم من عدم وجود دليل مباشر بعد لدى الباحثين على أن تفاعل الفوتونين معاً هو ما يعزز رؤية الأشعة تحت الحمراء، فإن المحاكاة الحاسوبية التي أجراها الفريق البحثي توحي بأن هذا هو التفسير الصحيح.

أظهرت حسابات الكيمياء الكوانتية التي أجراها الفريق أن المواد الصباغية في شبكية العين يمكن أن تمتص فوتونين منخفضي الطاقة محفزاً إياها لنفس حالة الإثارة التي تحدث عند امتصاصها لفوتون واحد ضمن مجال الضوء المرئي. تنبأت هذه الحسابات بأن الامتصاص المضاعف يبلغ قمته بين 1000 و 1100 نانومتر وهذا ما اثبتته تجارب الفريق.

نشرت النتائج في وقائع مؤتمر الأكاديميات الوطنية للعلوم.

نجاح تجريبي

يقول قاسم زيدي –وهو مختص في علم الاعصاب الحسي في كلية سوني للبصريات في نيويورك، وشارك في العمل النظري الذي رجح نظرية تولد الطيف الثاني:

"أحب أن أرى تجربة مباشرة تثبت بطلان تولد الطيف الثاني في عين الأنسان أو حيوان من الرئيسيات".

أظهر الكيميائي ماسيمو أوليفوتشي من جامعة بولينغ غرين الحكومية في أوهايو إعجابه بعمل بلاجيفسكي وفريقة الذي قام بعمل من مستوى تجارب على مشاركين من البشر وحتى مستوى حسابات الميكانيك الكوانتي. وكما يقول:

"هذه الدراسة دليل قوي لصالح امتصاص الفوتونات الثنائي".

الخطوة التالية هي استثمار هذه النتائج، وكما يقول اوليفوتشي:

"من الاحتمالات المثيرة للاهتمام هو محاولة خلق طفرات جينية مخبريا قادرة على الاستجابة للأشعة تحت الحمراء في شدات أقل".

المصدر: https://goo.gl/lmcUKI

ترجمه للعربية: الأستاذ سراج يوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

جميع حقوق النشر محفوظة لموقع الفيزياء الإشعاعية والوقاية