مصادر الإشعاع المُؤيِّن

يمكن الحصول على الإشعاع المؤين إما طبيعياً أو صناعياً كما يلي:
أولاً: المصادر الطبيعية للإشعاع المؤين Natural Sources of Ionizing Radiation
من أهم المصادر الطبيعية للإشعاع المؤين هي الأشعة الكونية القادمة من الفضاء الخارجي إلى الأرض. حيث تصل إلى الأرض كمية من الإشعاع المؤين قادمة من الفضاء الخارجي ومن الشمس، وتحتوي هذه الأشعة على كميات مختلفة من الإشعاع المؤين التي منها النترونات، البروتونات وجسيمات –الفا ونسبة قليلة من الأنوية الخفيفة مثل الكربون والأكسجين وكذلك الفوتونات والإلكترونات. وعند مرور هذه الإشعاعات المؤينة عبر الغلاف الجوي للأرض فإنها تتفاعل مع مكوناته فتتغير محتوياتها وتضعف كمياتها إلى أن تصل إلى الأرض بكميات ضئيلة جداً ليس منها ضرر على الإنسان أو بيئته ولهذا يُعتبر الغلاف الجوي واقياً من هذه الإشعاعات. وتتغير الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها الإنسان من هذا المصدر من الإشعاع بتغير موقعه على الكرة الأرضية. فالأشعة الكونية تقل عند خط الاستواء وتزداد باتجاه القطبين وعند الارتفاعات العالية من سطح البحر.فعندما تخترق الأشعة الكونية الغلاف الجوي تتفاعل النترونات الكونية مع غاز النتروجين 14N طبقاً للمعادلة:
10n+147N → 146C+11P
وبهذا ينتشر الكربون 14C المشع المتكون في الغلاف الجوي حتى يصل إلى سطح الأرض بفعل الأمطار فيدخل في تركيب المواد الحية الموجودة على سطح الأرض.
المواد المشعة طبيعياً والموجودة في القشرة الأرضية منتشرة على مدى واسع. فقد وُجِدَ أن الأنوية المشعة طبيعياً تتمركز في نوع من الصخور مثل صخور الجرانيت. أما الأحجار الجيرية والرملية فهي قليلة الإشعاع.
وقد وُجِدَ أن اليورانيوم- 238 (238U) والثوريوم- 232 (232Th) من أوسع العناصر المشعة طبيعياً انتشاراً في القشرة الأرضية. وعمر النصف لهذه العناصر يُقدر بملايين السنين وعند الاضمحلال فإنها تُنتج مواداً مشعة أقصر عمراً منها. ومما يزيد الأمر سوءاً أن هذه المواد الصخرية والرملية لايمكن الاستغناء عنها خصوصاً في البناء.
وتختلف المواد المشعة الموجودة في الطبيعة باختلاف المكان وارتفاعه عن سطح البحر وطبيعة التربة ونوع المسكن.
يحتوي جسم الإنسان على كميات ضئيلة من العناصر المشعة مثل الكربون- 14 (14C) والبوتاسيوم- 40 (40K) إضافة إلى ذلك فقد يتواجد كلاً من غَازَيّ الراديوم Radium والثوريوم Thorium المشعين في جسم الإنسان (الناتجين عن تفكك أو اضمحلال الراديو والثوريوم الموجودين في التربة طبيعياً) وذلك عن طريق الجهاز التنفسي. وكذلك يمكن دخول بعض المواد المشعة إلى جسم الإنسان عن طريق الغذاء الذي قد يكون حاوياً على كمية ضئيلة من المواد المشعة.
ثانياً: المصادر الصناعية للإشعاع المؤين Artificial Sources of Ionizing Radiation
يتضح مما سبق أن المصادر الطبيعية للإشعاع المؤين إنما هي مصادر محدودة لا تفي بحاجة الإنسان وذلك من عدة نواحي مثل:
- توافرها في الطبيعة.
- اختلاف المصادر المشعة من حيث الطاقة، عمر النصف الزمني ... ألخ.
- كثافة الإشعاع.
- حالة المصدر المشع (غاز، سائل، صلب).
- سهولة الاستعمال.
وبتزايد الحاجة للإشعاع المؤين بسبب اختلاف وتعدد التطبيقات الحديثة له، أصبح الحصول عليه من مصادر أخرى غير طبيعية ضرورة ملحة. ونذكر فيما يلي بعض المصادر الحديثة للإشعاع المؤين:
يعتبر المفاعل النووي من أغنى المصادر الصناعية بالإشعاع المؤين خصوصاً النترونات ذات الطاقات العالية والتي يمكن تحويلها إلى نترونات منخفضة الطاقة وذلك بعد تمريرها خلال مادة تعمل على إفقادها للطاقة من خلال التصادمات مع أنوية هذه المادة والتي تكون عادة ذات عدد ذري منخفض. أصبحت هذه النترونات المنخفضة الطاقة أو النترونات البطيئة Slow Neutrons ذات تطبيقات واسعة في مجالات عديدة.
وقد تم إنتاج العديد من المصادر المشعة والمستعملة حالياً في الصناعة والطب وغيرها من مجالات مختلفة بالاستعانة بالمفاعل النووي فعلى سبيل المثال تم إنتاج الكوبالت – 60 (60C0) المشع عن طريق تشعيع الكوبالت- 59 (59C0) في المفاعل النووي بالنترونات الحرارية Thermal Neutron وفقاً للمعادة التالية:
10n + 5927Co → 6027Co + ɣ
بحيث يتم استخدام مصدر الكوبالت المشع 60Co في جهاز Gamma Knife لعلاج أورام الدماغ، وعمر النصف له حوالي 5.20 سنة وبعد تفكك الكوبالت يتحول إلى نيكل- 59 (59Ni).
بعدما أُثبِتت الأشعة السينية كفاءتها في إظهار المحتوى الداخلي لجسم الإنسان حيث كانت كبداية للاستخدام التشخيصي الطبي لهذه الأشعة والتي نتج على إثرها تطورات مهمة في كلاً من التصوير المقطعي (Computerized Tomography (CT وأجهزة تصوير الثدي Mammograms، وأجهزة إنتاج الأشعة السينية بطاقات عالية للاستخدام العلاجي. وبعد دراسات طويلة وأبحاث واسعة تم التوصل إلى أجهزة إنتاج الأشعة السينية بطاقات مختلفة.
معظم استخدامات الأشعة السينية السابق ذكرها تكون محصورةً في التشخيص الطبي والصناعة والأمن والسلامة ولهذا ففي مجال العلاج الإشعاعي Radiotherapy تم التوصل إلى تصميم جهاز يعمل على تسريع الإلكترونات إلى طاقات عالية جدا. ويمكن استخدام هذه الأشعة الإلكترونية مباشرة في العلاج الإشعاعي أو بعد تسليطها على الهدف المناسب ليتم إنتاج الأشعة السينية.
المصدر: “كتاب الإشعاع والعلاج الإشعاعي”.
تحرير بتصرف: مؤيد عيسى إسماعيل