تفاعلات الإشعاع المُؤيِّن مع المادة

2 تعليقان

images

يعتبر تفاعل الاشعاع المؤين مع المادة من أساسيات دراسة وإدراك سلوك الأشعة المؤينة في المواد وهي من أهم أساسيات الفيزياء الطبية خصوصاً فيما يختص بقياس الجرعات الإشعاعية والوقاية. فقد ساعدت هذه المفاهيم في تصميم وبناء العديد من الأجهزة الإشعاعية مثل الكواشف النووية ومقاييس الجرعات الإشعاعية وكذلك ساهمت في تطوير العديد من تطبيقات الأشعة المؤينة في عدة مجالات، من أهمها المجال الطبي بفرعيه التشخيصي والعلاجي.

من خلال هذه التفاعلات تنتقل (في معظم الأحيان) طاقة الإشعاع إلى المادة المتفاعل معها، وبنظره دقيقة، فإن هذه المادة التي نتحدث هي عبارة عن أنوية ذرية تحيط بها سحابة من الإلكترونات المدارية، وللإشعاع المقدرة على التفاعل مع أي من هذه المكونات. إن حدوث أي من هذه التفاعلات، وكذلك قدرة الاختراق، يعتمد على كل من نوع وطاقة الأشعة وعلى طبيعة الوسط الماص. إن الطاقة المنتقلة إلى الوسط سواء كان نسيجاً حياً أو درعاً، تتبدد غالباً على شكل حرارة.

يمكن تقسيم الأشعة إلى قسمين رئيسيين هما: الجسيمات (المشحونة وغير المشحونة) والأشعة الكهرومغناطيسية ولكل منهما طريقته في التفاعل مع المادة، فالفوتون والنترون يقومان بتأيين الذرات بطريقة غير مباشرة، بينما تؤين الجسيمات المشحونة الذرات بشكل مباشر.

تفاعل الفوتونات مع المادة    Interaction of Photon with the Matter

هناك أنواع عديدة من تفاعل الفوتونات مع المادة، من أهم هذه التفاعلات:

  1. التأثير الكهروضوئي Photoelectric effect
  2. التشتت المترابط Coherent Scattering
  3. تأثير كومبتون Compton Effect
  4. إنتاج الأزواج Pairs production
  5. التحلل الضوئي Photodisintegration

تحدث هذه التفاعلات خارج النواة (فيما عدا التفاعل الخامس) وهي الأكثر استخداماً في الوقاية الإشعاعية ويؤدي معظمها إلى انطلاق إلكترونات ذرية. أما في حالة ازدياد طاقة الفوتون الساقط عن حد معين فسيكون قادراً على إحداث تفاعل مع النواة مما يؤدي لانبعاث جسيمات وإشعاعات أخرى.

  1. التشتت المترابط  Coherent Scattering

يعرف هذا التفاعل باسم التشتت التقليدي Classical Scattering أو تشتت ريلي Rayleigh Scattering كما هو موضح بالشكل التالي:

7777

يمكن فهم هذا التفاعل بدراسة الطبيعة الموجية للأشعة الكهرومغناطيسية. فهذا التفاعل يحدث عند مرور موجة كهرومغناطيسية بالقرب من الإلكترون مما يجعله في وضع اهتزاز Oscillation، وبالتالي سيصدر بدوره مرةً أخرى طاقة بنفس تردد الموجة الكهرومغناطيسية الساقطة. تتمتع الأشعة الكهرومغناطيسية المتشتتة بنفس الطول الموجي للأشعة الساقطة لذا فلا توجد أي طاقة يتم تحويلها إلى حركة إلكترونية Electric motion أو يتم امتصاصها في الوسط، لكن التأثير الوحيد الحاصل هو تشتت الفوتون الساقط بزاوية صغيرة جداً. وهذا النوع من التفاعلات هو الأكثر حدوثاً في المواد ذات عدد ذري Z كبير وعند طاقات منخفضة للفوتونات الساقطة.

2. التأثير الكهروضوئي  Photoelectric Effect

وهو ظاهرة يتم فيها طرد أحد الإلكترونات المدارية المرتبطة بالذرة بواسطة الفوتون الساقط كما هو موضح بالشكل التالي. يتم في هذا التفاعل امتصاص جميع طاقة الفوتون الساقط hѵ بواسطة الإلكترون المداري المتفاعل معه ويختفي بدوره الفوتون تماماً.

تكون الطاقة الحركية للإلكترون المتفاعل معه (ويسمى الإلكترون الضوئي) Photoelectron عبارةً عن (hѵ-EB Mev) حيث EB هي طاقة ارتباط (Binding Energy) الإلكترون المحرر وستختفي هذه الطاقة في الوسط الماص عن طريق عمليتي التأين والإثارة.

يمكن حدوث هذا النوع من التفاعلات في المدارات N,M,L,K وبعد طرد الإلكترون من المدار ستكون هناك فجوة في هذا المدار مما يؤدي إلى جعل الذرة في حالة مثارة Exited state ويمكن ملئ هذه الفجوة بإلكترون من مدار أعلى يصاحبه انطلاق أشعة سينية مميزة Characteristics X-Ray والتي تعبر عن تحول طاقة ارتباط الإلكترون إلى الوسط الماص. تعتمد إمكانية حدوث تفاعل على طاقة الفوتون الساقط حيث يتم عند الطاقات المنخفضة والاعداد الذرية المرتفعة للوسط الماص. لهذا يعتبر الرصاص من أفضل المواد المستخدمة للوقاية من الفوتونات.

Untitled

3. إنتاج الأزواج   Pairs production

إذا كانت طاقة الفوتون الساقطة hѵ أكبر من Mev 1.022 فهناك إمكانية حدوث تفاعل إنتاج الأزواج. في هذه العملية يتفاعل الفوتون الساقط مع المجال الكهرومغناطيسي للنواة فيعطي جميع طاقته في هذه العملية لينتج زوجاً من الإلكترون سالب الشحنة Electron والإلكترون موجب الشحنة Positron. وحيث أن طاقة سكون الإلكترون mc2 هي 0.511 Mev فإن 1.022 Mev هي الحد الأدنى لطاقة الفوتون الساقط لإنتاج هذه الأزواج، ولذا تسمى هذه الطاقة بهذا التفاعل بطاقة العتبة (Threshold energy).

وعليه تكون الطاقة الفائضة من طاقة الفوتون الساقط هي طاقة حركية للجسيمين المتولدين وتعطى بالعلاقة (hѵ-1.022 Mev) وتنبعث غالباً بالاتجاه الأمامي نسبة إلى الفوتون الساقط، ويتقاسم هذان الجسيمان الطاقة الحركية بالتساوي بينهما أو ربما يكون هناك أي تقسيم آخر، فعلى سبيل المثال في حالات قليلة الحدوث، يمكن أن يحصل أحد الجسيمات على كامل الطاقة الحركية دون الآخر ويفقدا طاقتهما الحركية عن طريق الإثارة والتأين وأشعة الكبح .(Bremesstrahulng) والجدير بالذكر أن هذا التفاعل هو مثال واضح لتحول الطاقة إلى كتلة كما أوضحت معادلة اينشتاين Einstein Equation E=mc2 وعكس هذه العملية، أي تحول الكتلة إلى طاقة، يمكن حدوثها كما في حالة اتحاد البوزيترون مع الإلكترون لإنتاج فوتونين وتسمى بأشعة الفناء Annihilation Radiation. فالبوزيترون المتولد في هذه العملية يستمر في المرور خلال المادة وفي نهاية مساره يتحد مع أحد الإلكترونات الحرة الموجودة بالقرب منه ليعطي فوتونين كلاً منهما يحمل طاقة قدرها 0.511 Mev وينطلقان في اتجاهين متعاكسين كما في الشكل التالي:

33333تحول الطاقة إلى كتلة يجب أن يتم بالقرب من جسيم مثل النواة وذلك من أجل أن يتم حفظ كمية الحركة (Momentum) في هذه الحالة طاقة حركة النواة المرتدة صغيرة جداً. يمكن أن تتم نفس هذه الظاهرة (إنتاج الأزواج) بالقرب من المجال الإلكتروني ولكن إمكانية حدوثها بالقرب من النواة كبير جداً. علاوة على ذلك عتبة إنتاج الأزواج بالقرب من الإلكترون هي 4m0c2. إن طاقة العتبة العالية هذه هي ضرورية لأن الإلكترون المرتد (الذي يحفظ كمية الحركة) يجب أن يقذف إلى الخلف بسرعة عالية جداً بحيث أن كتلته هي نفس كتلة كل من الجسيمات الجديدة المنتجة.

4. التحلل الضوئي  Photodisintegration

في هذا النوع من التفاعلات تأسر نواة الوسط الماص شعاع غاما وتبعث نتروناً. هذا التفاعل هو تفاعل عتبة يجب أن تكون فيه طاقة فوتون غاما أكبر من قدر معين يعتمد على النواة الهدف. ويكون هذا القدر غالباً في حدود عدة ملايين من الإلكترون فولط ما عدا بعض الاستثناءات من أهم هذه الاستثناءات الـ 9Be الذي تساوي طاقة العتبة له 1.666 Mev فقط. ويعتبر التفاعل 9Be (ɣ,n) 9Be مصدراً معملياً مهماً للنترونات أحادية الطاقة. ويعتبر التحلل الضوئي من التفاعلات المهمة جداً للفوتونات عالية الطاقة الناتجة من معجلات الإلكترونات مثل المعجلات الخطية Linear Accelerators، البيتاترونات Betatrons، والسنكرترونات Synchrotrons .

ويعود ارتفاع طاقة عتبة التحلل الضوئي إلى الحاجة لأن تكون على الأقل مساوية لطاقة ربط أحد نيوكلونات النواة الماصة. ففي الغالب يسهل انطلاق نترون من النواة بدلاً من البروتون وذلك لكونه ليس لديه حاجز كولوني Columbic Potential Barrier حتى يتم التغلب عليه للهروب من النواة وعليه ستكون طاقة العتبة أقل. مدى عتبات الطاقة للتحلل الضوئي بانبعاث النيوترون تتراوح بين 1.666 Mev و 8.5 Mev تظهر الطاقة الزائدة عن العتبة على شكل طاقة حركية للنيوترونات المنطلقة وإذا كانت عالية بما فيه الكفاية قد تؤدي إلى انبعاث جسيمات مشحونة من النواة الماصة.

5. تأثير كومبتون   Compton Effect

في هذا التفاعل يصطدم الفوتون الساقط مع أحد الإلكترونات المدارية في الذرة والذي يعتبر حراً Free Electron. ويقصد بهذا أن طاقة ربط هذا الإلكترون بالذرة صغيرة جداً بالنسبة لطاقة الفوتون الساقط. حيث يأخذ الإلكترون بعضاً من طاقة الفوتون الساقط وينطلق بزاوية مقدارها φ بينما ينحرف مسار الفوتون الساقط بطاقة أقل (أو طول موجي أكبر) من طاقة السقوط وبزاوية مقدارها ϴ. ويعتبر تصادم الفوتون مع الإلكترون تصادماً مرناً. في هذا التصادم لن يعطي الفوتون الساقط كامل طاقته للإلكترون الحر. يمكن أن يحسب مقدار الطاقة المتحولة في أي تصادم بتطبيق قوانين حفظ الطاقة وكمية الحركة. فبتطبيق قوانين حفظ الطاقة نحصل على:

Untitled

حيث h ثابت بلانك، C سرعة الضوء، λ هي الطول الموجي للفوتون الساقط، m0 كتلة سكون الإلكترون الحر، ‘λ هي الطول الموجي للفوتون المتشتت، m كتلة الحركة للإلكترون المرتد. ومن قوانين حفظ كمية الحركة في الاتجاهين نحصل على:

edgresrحيث V هي سرعة الإلكترون المرتد، وبحل هذه المعادلات نحصل على التغير في الطول الموجي للفوتون Δλ:

Untitledوبالتعويض عن قيم الثابت وبالتحويل إلى وحدة الطول الموجي أنغستروم Angstrom نحصل على:

Untitled

Untitled

المصدر: كتاب الإشعاع والعلاج الإشعاعي – د. سمير نتو

تحرير بتصرف: مؤيد عيسى إسماعيل

2 Replies to “تفاعلات الإشعاع المُؤيِّن مع المادة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

جميع حقوق النشر محفوظة لموقع الفيزياء الإشعاعية والوقاية